عدد المساهمات : 99 تاريخ التسجيل : 23/04/2010 العمر : 43
موضوع: سلسلة حقائق قرآنية -7- الإثنين مايو 10, 2010 3:32 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء السابع
الطيران ........ طيورٌ وطائرات
عندما يرى الإنسان ظاهرةً كونية فإنه يسارع إلى تفسيرها بما لديه من أدواتٍ علمية ومن معرفةٍ قد تم تحصيلها وكلما تنامت هذه الأدوات وازدادت هذه المعرفة وجد أن ما يعلمه من تفسيرٍ لهذه الظاهرة أو تلك كان علماً قاصراً مع أن آياتها القرآنية تُتلى منذ قرون . واليوم يجد الإنسان نفسه أمام حقائق عن الطيران لم يكن ليعلمها لولا التطور العلمي الذي وصل إليه .
تعتبر الطائرات الحديثة من أبرز ملامح الحضارة في العصر الحديث ، لقد ظلّ الإنسانُ قروناً طويلة يحلم أن يحلّق في السماء وكان يدهشه أن الطيور تمتلك هذه القدرة على الطيران على الرغم من أنها تأكل مما نأكل وتشرب مما نشرب . وظلّ السؤال قلقاً في ضميرِ ابنِ آدم :
هل من سبيلٍ لبلوغِ السماء كما تبلغه الطيور ؟؟؟
بدأت محاولاتُ الإنسانِ بتقليد الطيور منذ عهدٍ غابر ، وخلّد تاريخُ العلوم تجربة العالم العربي أبي القاسم العباس بن فرناس بن ورداس الأندلسي القرطبي المتوفى سنة 274 هـ الموافق لعام 887 م . لقد حاول الطيران من خلال صناعة رياشٍ عظيمة وكسى نفسه بالريش ومدّ له جناحين وأعلن على الملأ أنه يريد أن يطير في الفضاء ، وأن طيرانه سيكونُ من الرُصافة في ظاهر مدينة قرطبة فاجتمع الناسُ هناك لمشاهدة هذا العملِ الفريد والطائر الآدمي الذي سيحلق في فضاء قرطبة . صعِد أبو القاسم بآلته فوق مرتفع وحرّك جناحيه وقفز في الجو ، طار في الفضاء مسافةً بعيدة لكنه لم يتمكن من تحقيق التوازن الذي نجده عند الطيور فسقط . وقد سجلها التاريخ كأول محاولةٍ جريئةٍ للطيران فتحت الباب أمام من جاء بعده للتطوير في هذا المجال
ثم تابعه في سعيه هذا العالم اللغوي أبو العباس الجوهري صاحب معجم " تاج اللغة " و " صحاح العربية " . المتوفى في نيسابور سنة 393 هـ الموافق لعام 1006 م . لقد صنع جناحين من خشب وربطهما بحبل وصعِد سطح مسجد بلدته ، حاول الطيران أمام حشدٍ من أبناءِ عشيرته إلا أن النجاح لم يحالفه فسقط .
* * * * * * * * * * * * * * *
التوازن أثناء الطيران عند الطيور
- خُلقت أجسامُ الطيور في تصميمٍ خاص يلغي أي احتمالٍ لاختلال التوازن أثناء الطيران - رأس الطائر لا يشكل أكثر من 1 % من وزن جسمه حتى لا ينحني الطائر أثناء الطيران - لدى الطائر بنيةُ الريش المتناسبة مع الديناميكية الهوائية حيث يسهم الريش وخاصةً ريش الذيل والأجنحة بشكلٍ فعالٍ جداً في توازن الطائر
- حين نشاهدُ اليوم الطائراتُ العملاقة تجوب الفضاء وهي تحمل مئات الركاب ومئاتِ الأطنان من البضائع فإن علينا أن نتذكر الدور الحيوي للرواد الأوائل الذين حاولوا اختراقَ السماء بمحاولاتهم الجريئة ، ولكن المعلم الأكبر في علم الطيران في الواقع هو الطائر الذي خلقه الله سبحانهُ وتعالى ، وعهد إليهِ بالسباحة في كبدِ السماء ، فهو من ألهم العلماء والمخترعين الأولين والأخيرين إمكانية الطيران . ومن دروسه تعلم الإنسان كيف يصنع الطائرة
محرك الطائرة
تعتمدُ الطائرة على المحرك الذي يستخلص الطاقة من الضغط العالي والسرعة العالية للغاز الآتي من حجرة الإطلاق . في هذا المحرك يتم سحب الهواء بواسطة الضاغط . والضاغط هو اسطوانية مخروطية الشكل لها شفراتُ مروحةٍ صغيرة متوضعةٍ في ثمانية صفوف ، يجبر الهواء المرور عبر الشفرات فيرتفع ضغط الهواء ويمكن ان يصل إلى 30 مرات من ضغط الهواء العادي . يدخل الهواء إلى حجرة الإحتراق حيث يتم حقن الوقود عبر نفاثات الوقود . أما الشعلة التي توفر السبب بانفجار الوقود مع الهواء داخل حجرة الإنفجار ، فهي عبارة عن معدنٍ ثقيل يؤمن اشتعالاً دائماً لها رغم الضغط العالي والتدفق السريع للهواء
* * * * * * * * * * * * * * *
تستعمل الطيور المهاجرة خبرةً خاصة وتقنياتٍ مذهلة لم يكن العلماء على دراية بها من قبل وقد أصبحت أسساً يبنون عليها علومهم في مجال الطيران ... فكيف تمكن الطائر من تحقيق ذلك ؟؟؟ تستطيع الطيور المهاجرة أن تحقق تناسباً بين طول المسافة التي ستقطعها وطاقة الطيران والسرعة اللازمة لتحقيقها ، ومن هنا يتضح أن الطيور المهاجرة تحافظُ على سرعةٍ مثالية تستهلك فيها أقل كمية من الطاقة المطلوبة لتصل إلى هدفها المنشود معتمدةً على الإنسجام البديع بين البنية الديناميكية للهواء والبنية التي حباها الله إياها من الهيكل العظمي والأجنحة والتي تشكلُ معاً عواملَ نموذجيةً للطيران .
- يهاجر طائرُ " الزّقزاق الذهبي " من ألاسكا إلى جزر الهاواي ليقضي فصل الشتاء هناك ، وبما أن طريق هجرته خالٍ من الجزر ، فهذا يعني أن عليه أن يطير مئاتَ الأميال دون استراحة ودون أي إمكانية للتزود بالغذاء إلى أن يصل إلى هاواي . وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات يصل طائرُ الزّقزاق الذهبي إلى جزر الهاواي بسلام ودون مواجهةِ أي مشكلات كما اعتاد ذلك في كل سنة .
رحلة طائرُ الزّقزاق الذهبي
- يقطع طائرُ الزّقزاق الذهبي مسافة 4000 كيلومتر من بداية رحلته وحتى نهايتها هذا يعني أنه يضرب 250000 ضربة بجناحه دون توقف ، وتستغرق هذه الرحلة 88 ساعة - يزن الطائر في بداية رحلته 200 غرم منها 70 غراماً من الدهون يستخدمها كمصدرٍ للطاقة رعم أن ما يلزمه من الدهون لإتمام هذه الرحلة هو 82 غراماً ، أي أن لديه نقصاً في مصدر الطاقة من الدهون مقدارهُ 12 غراماً إلا أنه يستطيع أن يكمل رحلته بسبب مهارته في الإقتصاد في صرف هذه الطاقة .
* * * * * * * * * * * * * * *
لا تطيرُ الطيور المهاجرة بشكلٍ عشوائي إنما ضمنَ سرب هذا السرب يتحرك بالسماء على شكل رقم سبعة ، ربما رأى أحدنا الطيور المهاجرة وهي تشكلُ أسراباً على شكل الرقم سبعة ولكن هل تسألنا عن السبب في تحركها بهذه الطريقة يدركُ العلماء اليوم أن بفضل هذا التشكيل لا تحتاج الطيور المهاجرة إلى كثيرٍ من الطاقة في مقاومة الهواء الذي تواجهه ، وهكذا فهي توفر نسبة 23 % من طاقتها بهذه الطريقة . أثناء رحلتها تستهلك الطيور عادةً ما في جسمها من الدهون ويبقى لديها ما بين ( 6 - 7 ) غرامات من الدهون عندما تحط في المستقر ، ومن المدهش أنها تستخدم أضعاف هذه الكمية من الدهون في الحالات الطارئة التي يواجه فيها السرب تيارات هوائية معاكسة .
يعتبر الجهاز العضلي للطيور والذي يختلف عن الجهاز العضلي عند الإنسان أحد الأسباب التي تساعد الطائر على الطيران . يبدو لنا بحسب الظاهر أن الجهد العضلي الذي يبذله الطائر أثناء طيرانه أقل من الجهد العضلي الذي يبذله الإنسان أثناء قيامه بالسير أو الجري ، في حين أن الدراسات العلمية تظهر أن الطيور تحتاج إلى جهدٍ عضلي أضعافَ ما يحتاجُ إليهِ الإنسان بالمقارنةِ بأحجامها ، وأن السباحة في الهواء ليست نزهةً سهلةً بالنسبةِ إليها بل هي عمليةٌ شاقة تحتاجُ إلى جهدٍ كبير يبذلهُ الطائر ليحقق تماسك جسمه في الفضاء والإندفاع في مقاومةِ الهواء .
- لقد خلق الله سبحانه وتعالى الطيور بعضلاتٍ صدريةٍ قوية وقلوبٍ كبيرة بالنسبة إلى حجمها وعظامٍ خفيفة ، بالإضافة إلى ما حباها الله تعالى بهِ من مهارات في إتباع طرائق معينة تجعلها تخفّض من الطاقةِ اللازمة للطيران . - العضلاتُ الصدرية للطائر هي المهيمنةُ في عمليةِ الطيران . - خفضُ الجناحين أثناء الطيران هو الذي يحتاجُ إلى جهدٍ أكبر . - إن اتساع الصدر ونشوء زورقٍ في وسطه من أساسيات تمكن الطائر من الطيران ، فالطيور التي لا تقوى على خفض جناحيها بقوة لعدم نمو عضلاتها الصدرية نمواً مناسباً وليس لها زورقٌ صدري لا تستطيعُ الطيران في الجو كما هي الحال في طيورِ النعام وغيرها .....
عندما يحط الطائر على غصن الشجرة يتركز ثقل جسمه على قصبات القدم فيثنيها عند المفصل ثم يقومُ الطائر بالتوازن على الغصن عن طريق إحكام إلتفاف إصبعه الخلفي وأصابعه الأمامية على الغصن . ولذلك فعندما تنام الطيور على أغصان الأشجار تظلّ قابضةً عليها بأصابعها وتحافظ على توازنها حتى ولو غرقت في النوم .
طائر العوسق
العوسق طائرٌ بريٌ منتشرٌ في أوروبا وإفريقيا وآسيا ويتمتع بمقدراتٍ خاصة ، فهو على رغم من الحركة المستمرة في ذيله وجناحيه يبقي رأسه بوضعيةٍ ثابتة أثناء طيرانه في مواجهة الرياح ، ومع أن جسمه يتأرجح في الهواء إلى أن رأسهُ يبقى ثابتاً ما يحققُ له رؤيةً ثاقبة على الرغمِ من الحركة الشديدة التي قد يضطر إلى فعلها .
تضع الطيور جدول الصيد الخاص بها بمهارةٍ فائقة ، فطيورُ العوسق تحب أن تتغذى على الفئران ، والفئران تعيشُ عادةً تحت الأرض وتخرج لتبحث عن غذائها كل ساعتين . يتزامن وقت الطعام عند العوسق مع ذات الوقت عند الفئران ، فتصطاد خلال النهار وتاكل عند حلول الظلام . إذاً تطيرُ طيورُ العوسق في النهار بمعدةٍ فارغة ما يضمنُ لها وزناً خفيفاً ، هذه الطريقة تخفّض من الطاقة اللازمة للطيران . ووفقاً لحسابات العلماء فإن طائر العوسق يوفر نسبة 7 % من طاقته بهذه الطريقة .
- لدى الطيور جهازٌ خاص للتعامل مع الحرارة بحيث تدخر ما تريده من الحرارة بالإعتماد على ميزانها الدقيق للحرارة ، كما تسطيع الطيور تخفيض معدل الطاقة المستهلكة بإستفادتها من التيارات الهوائية . فالطيور تحلق عندما تزداد شدة التيار الهوائي وتستطيع أن تبقى معلقةً في الهواء حتى في التيارات القوية . وتعتبر تيارات الهواء الصاعدة عنصراً إضافياً يساعدها على الطيران .
تدل درجة حرارة جسم الطائر " الدوري " والبالغة 42 درجةً مئوية ، ودرجة حرارة جسم " الشحرور " البالغة 43.5 درجة مئوية على مدى سرعة العملية الإستقلابية لديه . هذه الحرارة العالية والتي تعتبر قاتلةً بالنسبةِ إلى الأحياء الأخرى نجدُ أنها ضروريةٌ جداً بالنسبةِ إلى استمراريةِ الطائر على قيد الحياة لأنها تزيد من استهلاك الطاقة ومن ثم من قوة الطائر .
* * * * * * * * * * * * * * *
تقوم الطيور بسبب حاجتها المفرطة إلى الطاقة بهضمِ طعامها بطريقةٍ مثالية ... فعلى سبيل المثال يزداد وزنُ صغير " اللقلق " بمقدار كيلوغرام واحد عند تناوله 3 كيلو غرامات من الطعام ، بينما يزداد وزن الثدييات كيلوغراماً واحداً عند تناول 10 كيلو غرامات من الطعام .
مقاراناتٌ رقمية
- يخفق القلب البشري بمعدل 78 خفقةً في الدقيقة - يخفق قلب طائر " الدوري " 460 خفقةً في الدقيقة - يخفق قلب " الشحرور " 615 خفقةً في الدقيقة - تلعب الرئتان الهوائيتان دور القائد الذي يزود كل هذه الأجهزة السريعة الأداء بالأكسجين اللازم لعملها .
أين درست الطيور هذه الثقافة الملاحية الدقيقة ؟؟؟
كيف استطاعت أن تتعامل مع تقلبات الطقس والتيارات الهوائية ؟؟؟
من أين استوردت اجهزة الملاحة وأنظمة الحرارة والطاقة لديها ؟؟؟
- من الخطأ أن نتصور أو نظن أن ذلك كله يتم عن طريق المصادفة ، إن أدنى قدر من احترام العقل يفرض علينا إدراك الحقيقة التي أدركها من قبل كل حكيمٍ أخلص للمعرفة .... الله أحيا الكائنات بسره ، وبسره تتفاعل الأشياء
* * * * * * * * * * * * * * *
فوائد وعبر
- ما كان في الأمس القريب حلماً خيالياً أصبح اليوم واقعاً ملّحاً ولا تستمر الحياة المعاصرة دونه - علينا أن نحلم ثم نحاول تحقيق الحلم ، فالأحلام إرهاصات المستقبل - الفرق بين الإيمان والكفر " نكرانُ المصادفات "